التلفزيون

إن التلفزيون (television) من الناحية اللغوية، كلمة مركبة من مقطعين(tele) ومعناه عن بعد و(vision) ومعناه الرؤية .وبهذا يكون كلمة التلفزيون هو "الرؤية عن بعد". اما من الناحية العلمية فيمكن تعريف نظام التلفزيون بأنه:طريقة إرسال إستقبال الصورة والصوت بأمانة من مكان إلي آخر بواسطة الموجات الكهرومغنطيسية والكابلات(الالياف البصرية مؤخرا) والأقمار الصناعية بمحطاتها الارضية في حالة البث كبير المسافة. إن التلفزيون وسيلة اتصال سمعية بصرية تعتمد اساسا علي الصورة. والصورة في التلفزيون لسيت كالصورة الغتوغرافية أو الصورة السينمائية فهي،كما معروف،تتكون من مجموعة مرسومة من النقاط الضوئية تظهر علي الشاشة بواسطة شعاع الكتروني.وكلما زاد عدد النقاط زادت الصورة وضوحا والعكس صحيح، لأن الصورة في التلفزيون، وعلي خلاف الصورة الفنية الثابتة،في تكون وتغير مستمرين، تفصل بقدر تزايد عدد النقاط الراسمة بفضل مشط إلكتروني ناعم جدا،ومعلوم ان عدد الاسطر بنقاطها الضوئية(625 سطرا في النموذج الاوروبي) و(525 في النموذج الامريكي)ونسبة تكرارات الصور(25 صورة في الثانية) يحددان نوعية ودقة الصورة. في هذا النظام التماسلي الكلاسيكي الذي يعمل منذ أكثر من قرن من الزمان علي تحويل الإشارة الصوتية إلي إشارة كهربائية مناظرة(Analog) لشدة الصوت في الإرتفاع والإنقفاض،أما في النظام الرقمي(Digital) الحديث الذي ظهر في الثمانينيات، فلقد عوضت النقاط بالأساس الرقمي للنظام المعلوماتي الثنائي(0،1)، حيث تتخذ كل الحروف والأرقام والصور والأصوات شكل رقمين ترمز بواسطتهما إلكترونيا من خلال قوائم وأنظمة متكاملة(1) ومعروف أن من مزايا استخدام هذا النظام( الذي أصبح مؤخرا يستخدم في البث الأرضي أيضا) مقاومة التشويش والتداخل بين الموجات، والحفاظ علي قوة الإشار طوال مسافةالإتصال(مما يزيد من دقة الصوت ووضوح الصورة)،ومرونة الإتصال وسريته،وزيادة إمكانيات حجم البث والتخزين.. ولكن ظهور التلفزيون علي هذا الشكل لم يكن فجأة بل كان تدريجيا،تظافرت جهود وعوامل كثيرة وفرت له جميع متطلباته.ومع ذلك فقد كان التطور التكنولوجي في مجال التلفزيون أكثر سرعة مما كان عليه الراديو،مثلا، الذي عمل في الواقع علي تهيئة الجو وتذليل الصعوبات التقنية المالية السياسية أمامه . والجدير بالذكر هنا أن أول تجارب لإرسال الصور عن بعد كانت انطلاقا من الصور الثابتة في منتصف القرن التاسع عشر،بينما استعملت"الفوتوتلغرافيا" (الصورة التلغرافية) في سنة 1905م من طرف الألماني(دي كورن). ولعل أهم الأبحاث والدراسات التي ساعدت علي ظهور وتطور التلفزيون هي أعمال العالم الألماني "بول نيبكوف" الذي إخترع عام1884م أسطوانة مثقوبة(ثقوبا لولبية) لتركيب الصورة،يمكن للضوء الذي يمر من خلالها أن يقسم الاجسام المصورة كهربائيا إلي عناصر خطية تكون في مجموعها صورة من الصور.ثم طور الباحث الأمريكي"تشارلز ف جنكنز" مبدأ "نيبكو" عام1890م،ولكنه لم يتمكن من ترجمة أبحاثه وأفكار غيره من أمثال "ماركوني، سنلك..." حتي عام 1925م حيث قدم الإثباتات الميكانيكية علي قدرة البث التلفزيوني. إن ظهور تكنولوجيا الإلكترونيات في العشرينيات هو الذي مكن من حل المشاكل التي كانت تفترض تطبيق أعمال الباحثين في الجال التلفزيوني .وتعتبر سنة1927م موعد ظهور التلفزيون في المخابر وتاريخ أول إرسال لبرنامج تلفزيوني علي الهواء مباشرة بين ولايتي نيويورك وواشنطن. وقبل ذلك بسنة استطاع العالم الغالي(بريطانيا)"جون برد"وضع أول تصميم عملي للتلفزيون(معتمدا النظام الميكانيكي) استخدمته عدة دول، كما استطاع فيها بعد أن يخرج لB.B.C في سنة1936م برامج تجريبية يومية (ب30خط). وكانت فترة1929-1931م،بمثابة نقلة نوعية للتلفزيون عندما اخترع "فلاديمبر زوريكين"، معتدا علي النظام الإلكتروني،أنبوب الصورة المستقبل(Picture) أو(Kinescope)خلفا للأسطوانة المثقوبة ثم أنبوب الكاميرا التحليلي(Iconoscope)(أكثر من 400خط)، تبعه تطور نوعي آخر في آواخر الأربعينيات مع اكتشاف "أرثيكون"، الذي يتميز بحاجته العملية إلي أقل من الضوء...إلي أن استغني مؤخرا عن الأنبوب وأصبحت الصورة رقمية والشاشة مسطحة مع نهاية العشرين(الاستعمال المحدود منذ1978). أما فيما يخص البث التلفزيوني المنتظم فقد بدأ،كما هو معروف سنة 1939م، حيث تمكنت بريطانيا و ألمانيا من تغطية أربعة ساعات يومية للبث ثم جاءت الحرب العالمية الثانية لتضع حدا مؤقتا لتطوره ولتفسح المجال للولايات المتحدة الأمريكية .